ـ "فين خاصني نسني ليك أبنتي؟ ما كانشوفش.. فينا هي الورقة؟ شكون انت بعدا؟ شكاندير أنا هنا"
ـ "انت موظف فالإدارة أ الحاج!"
صناديق التقاعد اليوم مهدد بالإفلاس التام مع حلول عام2021. واليوم وصل مرحلة العجز، لدرجة لم يعد أمام الحكومة كحل إلا تمديد سن التقاعد إلى أجل غير مسمى. حل سيزيد مدة مساهمة العمال والموظفين في أداء الحصة الشهرية المقتطعة من رواتبهم إلى الصندوق، تمديدا
لمهلة الوصول إلى مرحلة الإفلاس.
من الناحية الاقتصادية، يبقى هذا الحل في النهاية ترقيعيا، مؤقتا، يستبعد الإفلاس ريثما تجد الحكومة مصدرا آخر يذر على الصندوق المال، أو يموت هؤلاء الموظفون والعمال دون أن يحصلوا أبدا على تقاعد!!
أما من الناحية المهنية والاجتماعية، فهو مثبط عن العمل، قاتل للعزائم، حل مميت نفسيا، حين يسمع الموظف الذي قضى أكثر من الثلاثين سنة بين أروقة إدارة صدئة لا زالت تشتغل بالملفات والأوراق عوض الحواسيب، لا زالت مؤثثة بكراسي الاستعمار المتآكل ومكاتب أوساط القرن العشرين، أنه سيستمر لعشر سنين أخر يوقع ويستقبل مواطنين بؤساء، حتى يهرم وتتآكل عظامه، كيف لهذا المواظف أن يؤدي عمله كما ينبغي.. كيف لمعلمة أن تستمر في تلقين نفس مقررات الحماية الفرنسية التي درستها لأجيال الثمانينيات، لجيل "الآيفون" و"الآيپاد"، جيل لم يعد يستطيع الجلوس على مؤخرته إلا أمام الفايسبوك.
وفي المقابل، كل هؤلاء المواظفين والعاملين الذين يُقعدونهم بالغصب في مهنهم ووظائفهم لسد عجز الصندوق، يشغلون مناصب هي الآن من حق عاطلين يتجرعون المر يوميا أمام قلة حيلتهم وهوانهم على الناس، لا ديپلوماتهم وشاهادتهم، التي حصلوا عليها من جامعات شعبها عقيمة، تصلح لوظائف في شركات خاصة، ولا هي بمستوى مباريات وظائف الدولة، وها هم في انتظار مناصب في مؤسسات حكومية يحصل فيها من التحايل والنصب ما ليس في الحسبان.
مثال على ذلك ما حصل مؤخرا في مباراة ولوج مراكز التربية والتكوين من أجل الحصول على 8000 منصب، وتمت المصادقة عليه ليكتشف الشباب، بعد أطول مباراة عرفها قطاع التعليم دامت 3 أشهر، أنه تم إلغاء 1000 منصف والاكتفاء ب 7000 منصب تحث ذريعة الأزمه المالية. أين ذهبت الألف منصب؟ هل تم توزيعها على الأقارب والأحباب، أم أنها فعلا ألغيت وألغي معها حلم ألف شاب وشابة في الوظيفة والراتب والاستقرار وفتح بيت وأسرة. إلى متى هذا التلاعب، إلى متى نكث الوعود، إلى متى قمع الأصوات المطالبة بأدنى الحقوق؟
نعلم علم اليقين أن أزمة صندوق المقاصة، التي أصبحت كالكابوس يوقظ المواطن من نومه خوفا من زيادة ثمن رغيف أو سكر، وأزمة صندوق التقاعد، التي أصبحت ثقلا على الموظف والعاطل سواء، وأزمات كل تلك الصناديق المهددة بالعجز والإفلاس، ليس نتيجة سياسة "العدالة والتنمية" ولا حكومة "بنكيران"، ولا نتيجة دخول "مزوار" الذي طالما عارضه الشعب واكتشف مؤخرا أن دخوله من عدمه سواء، إنما هي نتيجة سياسات تراكمت خلال 30 سنة من النهب والفساد، وحكومات توالت لم تبقي ولم تذر من خيرات هذه البلاد.
ومع ذلك، ومع دعمنا لهذه التجربة، دعم وطنية بعيدا عن مزايدات هؤلاء الذين يقعدون لها متربصين فشلها ليشمتوا وكأنها تحكم "البوليزاريو" وليس شعب المغرب.. مع كل الذي ذكرت آنفة، ننتقد.. ننتقد لأننا لا نتقبل أن يقترح "بنكيران" حلولا يقتص عبرها من البسطاء، ويغفر للأغنياء خوفا من أن يهربوا أموالهم! حلولا تعد "الشفارة" إن أعادوا أموالهم التي نهبوا إلى المغرب لتنتعش بها البنوك بالإفلات من الحساب والعقاب، حلولا تقتل القضاء أمام الأغنياء والسارقين والمحتالين بدعوى أن أموالهم ستكشف الغمة عن الأمة، أموال سرقوها من لحم الشعب وخير أرضه. لا يمكن، لا شرعا ولا قانونا ولا عرفا أن يستثنى المجرمون من العدالة بدعوى أننا بحاجة إليهم!!!
أريد أن أرى في عهد "بنكيران" مسؤولا واحدا حوكم بتهمة فساد! واحدا.. واحدا.. واحدا.. لأثق بمحاولاته الإصلاحية! أريد أن أرى مسؤولا واحدا سجن بتهمة نهب الثروات.. كما يسجن الصحافيون بتهمة المس بالمقدسات! وإن كان "أردوغان" مثل حزب "العدالة والتنمية" الأعلى، فأردوغان لم يثبت أقدامه في البلاد حتى محا تجار الفساد عبر العدال والقضاء. طبق يا "بنكيران" القضاء على السارقين و"الشفارة"، ودعهم يهربوا أموالهم يخرجوا من هذه البلد المظلوم أهلها، فإن أموالهم لا يمكن أن تكون حلا لما أفسدوه بأيديهم. حينها إن طلبت من المواطنين المشاركة بأموالهم وأنفسهم لحل عجز الصناديق، سنفعل، سنتضامن لأجل البلد، سنعطي من رواتبنا ومن أعمارنا حين نرى المفسدين أمام القضبان في السجن!
أريد أن أرى مسؤولا في السجن
100 out of 100 based on 100 ratings. 100 user reviews.
100 out of 100 based on 100 ratings. 100 user reviews.
0 التعليقات :
إرسال تعليق