من هنا

الرئيسية » » محكمة لاهايْ تعيّن خبيرا مغربيا لفكّ شفرات الجرائم المعلوماتية

محكمة لاهايْ تعيّن خبيرا مغربيا لفكّ شفرات الجرائم المعلوماتية

أُولى معالم النجاح الباهر في مساره العلميّ ستظهر منذ حصوله على الدكتوراه من جامعة "Paris 13" في العاصمة الفرنسية باريس، سنة 1981، بميزة مُشرّف جدا. بعد أكثر من ثلاثين سنة على هذا التاريخ، سيتمّ تعيينه قبل أيام خبيرا رفيعا لدى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي، من أجل فكّ شفرات وألغاز ملفات الإجرام المعلوماتي المُعقّدة الموضوعة أمام أنظار أكبر محكمة جنائية في العالم.

إنه الخبير المغربي في علم الإجرام المعلوماتي إدريس رواح، الذي وضعت محكمة الجنايات الدولية بلاهاي ملفاتها المعقدة المتعلقة بالإجرام المعلوماتي تحت مجهر خبرته الطويلة في هذا المجال، من أجل تحليلها، وفكّ شفراتها، إلى جانب أربعة خبراء غربيين، ليكون الإفريقي، والعربي والمغاربي الوحيد ضمن فريق محكمة الجنايات الدولية.

قبل أن يصل إلى هذا المنصب الرفيع، راكم الدكتور إدريس رواح، الذي تنحدر أصول عائلته من قبائل هوارة بإقليم تارودانت، تجربة وخبرة كبيرة في مجال تحليل ملفات الإجرام المعلوماتي في فرنسا، وقبل ذلك اجتاز مسارا دراسيّا موفّقا؛ مسارٌ دراسيّ انطلق من مدرسة ابتدائية كانت تسمّى "مدرسة الأعيان" بمدينة سلا القديمة، حيث ازداد وترعرع.

من "مدرسة الأعيان" التي تخرّجت منها النخبة السلاوية، يومئذ، إلى التعليم الإعدادي، ثم التعليم الثانوني بـ"Lycée Plateau" بمدينة سلا دائما؛ في هذه الثانوية سيفشل التلميذ إدريس رواح في نيل شهادة البكالوريا، غير أنّ هذا الفشل هو الذي سيكون بالنسبة إليه فيما بعدُ بوّابة واسعة نحو النجاح الكبير.

فبعد الفشل في الحصول على شهادة البكالوريا من "Lycée Plateau" بمدينة سلا، نهض التلميذ إدريس رواح من "كبوته" بسرعة، وجمَعَ حقائبه ورحل إلى فرنسا؛ وهناك تدارك ما فات، وحصل على شهادة البكالوريا بسرعة، بعدما فشل في الحصول عليها بمدينة سلا؛ يقول الدكتور إدريس رواح ضاحكا: "أنا من الناس اللي خسروا في امتحان البكالوريا في المغرب وخْداوْها في فرنسا".

بعد نيْل شهادة البكالوريا، كانت الوجهة نحو جامعة "Paris 13" بالعاصمة الفرنسية باريس، هناك سيدرس الطالب إدريس رواح في أحد معاهد الجامعة تخصّص "الصورة والتواصل" (Image et Communication)، وسيختم مساره الدراسيّ الناجح في سلك الدراسات العليا بنيْل شهادة الدكتوراه من جامعة "Paris 13" بأعلى ميزة للتنقيط: "مشرّف جدّا"، ونالها في تخصّص الصوت والصورة ومعلوميات التواصل.

سيضع الدكتور إدريس رواح قبّعة الطالب المجتهد، ويرتدي وزْرة الأستاذ الجامعي، في جامعة "البونتيون"، وسيخلق تخصّصا لم يكن وقتذاك يُدرّس في أيّ جامعة أوربية، وهو تخصص عِلم الإجرام المعلوماتي، هذه المرّة لن يكون أوّل إفريقي وعربي ومغاربيّ يدرّس هذا التخصّص بأوربا، بل أوّل مُدرّس في القارّة الأوربية بأكملها.

من هذا التخصّص الذي يحصل المتخرّجون منه على دبلوم في "مناهج الخبرة والمصالحة التقنية في التقنيات الحديثة"، سيتخّرّج أغلب الخبراء الذين يمارسون في هذا الميدان في فرنسا، والخبراء المتخصصون في ميدان البحث المعلوماتي، وخيرة خبراء رجال الشرطة والدرك، العاملين في المختبرات المتخصصة في تكنولوجيا الشريحة (Technologie puce) بفرنسا.

ورغم أنّ تكوين الخبير رواح هو تكوين تقنيّ محْض، إلا أنّ شغفه بالبحث جعله ينهل من مَعين التكوين القانوني، في مكاتب الخبرة بفرنسا، وهو ما مكّنه من مراكمة رصيد في ميدان الخبرة القانونية، وعلى الرغم من أنّه قّضى جزءً مهمّا من حياته بفرنسا، إلاّ أنّ لسانه يتحدث العربية بشكل سلسل، ولا يلجأ إلى اللغة الفرنسية إلا عندما يستعصي عليه إيجاد مرادف لبعض المصطلحات التقنية المحْضة باللغة العربية، ويعتذر عن ذلك.

سنة 1992، سيستقيل الخبير إدريس رواح من منصبه في إحدى المؤسسات الكبرى في فرنسا، وسينشئ مكتبه الخاصّ في مجال الخبرة والاستشارة في مجال المعلوميات، بالعاصمة الفرنسية باريس، وتحديدا في (Paris 17ème)، ولاحقا سينشئ مكتبا آخر في إحدى الضواحي الفرنسية، ثم مكتبا آخر للاستشارة والخبرة القضائية في حيّ حسان بمدينة الرباط، حيث يعيش حاليا، ويتنقّل بينها وبين فرنسا، حيث يوجد مكتباه الآخران.

تجربة وخبْرة الخبير إدريس رواح الكبيرة في مجال حلّ ملفات الإجرام المعلوماتي، وفكّ شفراتها، جعلت اسمه حاضرا على الدوام في المحاضرات التي تُلقى بهذا الخصوص، كما أنّ محكمة الاستئناف فرساي بفرنسا عيّنته خبيرا لديها في الإعلاميات، منذ 1993، وما زال يشغل هذا المنصب إلى حدود الآن.

وقبل ذلك عيّنته محكمة الاستئناف بالرباط خبيرا لديها في الاختصاص ذاته، كما أنّه اشتغل مستشارا لدى لجنة المعالجة الجمركية بفرنسا، وخبيرا لدى المنظمة الدولية للحقوق الدهنية بجنيف، ويرأس المجلس الوطني لخبراء العدل في المغرب، الذي أنشيء قبل سنة، ويضّمّ 3200 خبير على مستوى الخبرة القضائية، وهو المجال الذي يرى الخبير إدريس رواح أنه يحتاج إلى العناية والاهتمام، لما لأهّميته الكبرى.

تعيين الخبير المغربي إدريس رواح من طرف المحكمة الجنائية الدوليّة لم يأتِ صُدفة، فأكبر معيار تمّ اعتماده، هو المهنيّة، والتجربة والخبرة الطوية في مجال الإجرام المعلوماتي؛ فبالإضافة إلى كل المناصب التي تولاّها، فإنّ أغلب الملفات المتعلقة بالإرهاب في فرنسان، مرّت بين يديْه، وساعده على ذلك تحدّثه باللغة العربية، حيث كان إلى جانب خبيرين فرنسيين آخرين، تمّ تعيينهم لفكّ شفرات ملفات الإرهاب في 25 ملفا، كان آخرها ملف ما يعرف بـ"الخلية الإيرانية".

وسيكون وراح بعد تعيينه لدى المحكمة الجنائية الدولية أمام مهامَّ متعدّدة، وملفات شائكة، يأتي على رأسها ملف الحروب، التي قال إنها لم تعد تُدار بالجيوش والأسلة التقليدية، بل صارت حروبا معلوماتية بالدرجة الأولى، تُدار بوسائل التكنولوجيا الحديثة.

أمّا الملف الشائك الثاني، فيتعلق بالجرائم المالية، بما فيها جرائم اختلاس الأموال وتهريبها من طرف حُكّام الدول، حيث سيعمل الخبير رواح، إلى جانب زملائه الأربعة المُعيّنين من طرف المحكمة الجنائية الدولية على تتبّع مسار الأموال المختلسة والمهرّبة، وكشف الأشخاص الواقفين وراءها.
                                                                                                                           محمد الراجي
محكمة لاهايْ تعيّن خبيرا مغربيا لفكّ شفرات الجرائم المعلوماتية
100 out of 100 based on 100 ratings. 100 user reviews.

0 التعليقات :

إرسال تعليق

مواضيع دات صلة

مواضيع دات صلة
 
إدارة الموقع : إعلن هنا | إعلن هنا | إعلن هنا
جميع الحقوق محفوظة © 2013. kolchi
تعريب وتطوير موقع سيو صح